هل كثرة تناول اللحوم يمثل خطراً على الصحة ؟
تستعرض الدكتورة صباح عمار المدرس بكلية التمريض جامعة حلوان بعض الدراسات المتعلقة بمخاطر الإقبال على اللحوم حيث تقول:
لو أوقفت فرداً عاديا فى الشارع المصرى وسألته سوالاً بسيطاً: ماذا تحب أن تتناول فى وجبة طعامك الرئيسية؟
قطعاً ستكون الإجابة قطعة من اللحم المطبوخ أو اللحم المشوى وإن سألته عن اختياره الثانى فسيكون الجواب قطعة من
الهمبرجر أو من لحم الشاورما. وإن كررت السؤال ثالثاً حول اختياره الثالث فسيكون الجواب، لحم الدجاج أو السمك. ومهما كررت السؤال لمرات ومرات فإنك لن تحصل على إجابة فى أنه مثلاً يرغب فى تناول البقول.
ولكن الأمور يجب أن لا تستمر على هذا المنوال. حيث تشكل البقول غذاء رئيسيا فى النظام ولأنها رخيصة الثمن فإنها توصف بأنها غذاء الفقراء، ولذا فإن سكان الطبقة الراقية، يفكرون فى تناول اللحوم بأنواعها المختلفة وفى الحقيقة فإن اللحوم الحمراء تشكل مصدرا جيدا من الحديد والبروتينات فيما يؤدى تناول البقول إلى الانتفاخ بغازات البطن. ولكن، إذا فكرنا جيداً فى فائدة الغذاء وما يتعلق بالصحة فإن اللحوم الحمراء تحظى بأهمية لا تستحقها بينما توضع البقول فى منزلة أقل من أهميتها.
ولتقييم الغذاء من حيث أهميته وفائدته فانه ينبغى علينا تحليل العناصر الغذائية له خذ مثال …وقارن بين قطعة من لحم الستيك «المحترمة» العالية البروتين مع «البقول المهملة» المحتوية على بروتينات جيدة. وستجد أن 5 أونصات (الأونصة = 29 جراما تقريبا) من لحم الستيك تحتوى على 300 سعرة حرارية، بينما يحتوى كوب من فاصولياء على 265 سعرة.
إلا أن لحم الستيك هذا يحتوى على 44 غراما من البروتينات، و120 مللى جراما من الكولسترول، و12 جراما من الدهون أغلبها من الدهون المشبعة. وبالمقابل، فإن كوب الفاصوليا يحتوى على 15 جراما من البروتينات، وهو خال من الكوليسترول، ولا يحتوى على أكثر من جرام واحد من الدهون، وهى الدهون العديدة غير المشبعة.
ولا يحتوى لحكم الستيك على الكربوهيدرات والألياف، بينما تحتوى الفاصوليا على 26 جراما من الكربوهيدرات المعقدة وعلى 15 جراما من الألياف الغذائية. كما تحتوى الفاصوليا على كميات أكبر من البوتاسيوم وكميات أقل من الصوديوم مقارنة بلحم الستيك. أما محتويات كل منهما من الحديد فهى متساوية، إلا أن الجسم البشرى أكثر كفاءة فى امتصاص الحديد من مصادره الحيوانية. وأخيرا إذا أضفت الفرق الكبير فى الثمن بين هذين الغداءين إلى هذه المقارنة، فإنك ستجد أن الفاصوليا هى أكثر الغذاءين رخصا مقارنة بلحم الستيك.
ورغم أن الأرقام الواردة حول العناصر الغذائية مهمة، فإنها لا تؤدى بالضرورة إلى التنبؤ بتأثير الغذاء على صحة الإنسان، حيث أن المعلومات حول هذا التأثير المهم تعتمد على الأبحاث الطبية أكثر من اعتمادها على التحاليل الكيميائية. ولحسن الحظ فإن هذه الأبحاث تبرز لنا تأثيرات هذين النوعين من الغذاء.
* اللحوم والوفيات: وفى الدراسة المسماة «دراسة الغذاء والصحةDiet and Health Study بجامعة هارفارد جرى تقييم حالات عددها 545 ألفا و663 شخصا تراوحت أعمارهم بين 50 و70 سنة، شكل الرجال نسبة 59% منهم.
وإضافة إلى تحديد كمية تناول المشاركين فى الدراسة من اللحوم، جمع الباحثون أيضا بيانات عن عمر كل مشارك، ودرجة تعليمه، وحالته الزوجية، وتاريخه العائلى للإصابة بالسرطان، وعرقه، وكميات السعرات الحرارية التى يتناولها، ومؤشر كتلة الجسم لديه، والتدخين، وممارسة التمارين الرياضية، وشرب الكحول، وتناول الفيتامينات، وتناول الفواكه والخضروات.
وقام العلماء بتقييم ثلاثة أصناف من اللحوم هى: اللحوم الحمراء التى ضمت قطع لحم البقر و اللحوم البيضاء التى ضمت لحوم الدواجن والسمك، و اللحوم المعالجة صناعيا التى ضمت السجق، وشرائح اللحم البارد.
حيث ظهر أن الرجال الذين كانوا يأكلون اللحوم الحمراء أكثر من غيرهم تعرضوا للوفاة بنسبة 31% أكثر، من الرجال الآخرين الذين تناول أقل من تلك اللحوم. أما التناول الأكثر للحوم المعالجة صناعيا فقد أدى إلى زيادة بنسبة 16% أكثر فى عدد الوفيات. وظهر أن أعداد الوفيات بسبب السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية اتبعت نفس نمط مجموع الوفيات، كما تأثرت النساء بمثل تأثر الرجال. وبالمقابل فقد أدى تناول كميات كبيرة من «اللحوم البيضاء» لدى كل من الجنسين إلى تقليل معدلات الوفيات.
وقد ظلت هذه النتائج قائمة حتى بعد أخذ العلماء للعادات الصحية السليمة وعوامل الخطر الأخرى بعين الاعتبار. وظهرت أن الصلة بين اللحوم الحمراء والمعالجة وعدد الوفيات مهمة وجديرة جدا بالاهتمام لأن كميات معتدلة من هذه اللحوم أثرت على أعداد الوفيات.
وبينما ربطت هذه الدراسة بين تناول اللحوم الحمراء والوفيات بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، فإن دراسة مراجعة نشرت عام 2010 أفادت بأن تناول كميات كبيرة من اللحوم المعالجة – وليس اللحوم غير المعالجة – يرتبط بزيادة فى خطر الإصابة بالسكرى وأمراض القلب. إلا أن دراسة أخرى من جامعة هارفارد نشرت عام 2010 وجدت أن اللحوم الحمراء المعالجة وكذلك اللحوم غير المعالجة تزيد من الأخطار على سرطان القولون.
ولا يزال العلماء غير متأكدين من أسباب تأثير اللحوم الحمراء على الإصابة بسرطان القولون. وتلقى إحدى النظريات اللوم على الأمينات، وهى مواد كيميائية تتولد أثناء طهى اللحم فى درجات حرارة عالية. كما قد تلعب المواد الحافظة الموجودة فى اللحوم المعالجة دورها، وخصوصا النترات التى تثير المخاوف، لأن الجسم يحولها إلى أمينات النتروز nitrosamines وهى مواد مسببة للسرطان.
والسؤال المهم هنا؟ هل يمكن أن أستمر فى تناول اللحوم؟
والجواب هو أنه لا توجد حاجة لتجنب اللحوم الحمراء، إلا أن علينا أن ننتقيها بعناية، ونحضرها بشكل مناسب، وأن نتناولها بشكل متباعد.
– تجنب القطع الدهنية من اللحوم الحمراء. وتجنب تناول لحوم الأضلاع، ولحوم الأعضاء (الكبد، الكلية)، واللحوم المعالجة.
– اختر اللحوم خالية الدهون، اقطع الدهون من اللحوم واستبعدها.
– لا تقلى اللحوم، بل اشوها فى الفرن بحيث تتقطر منها الدهون. تخلص من دهون اللحوم المطبوخة فى المرق.
– طهى اللحم بدرجة حرارة 165 فهرنهايت (74 درجة مئوية)، ولا تحرقه.
كم من اللحم يمكن تناوله؟
يقترح المعهد الأمريكى لأبحاث السرطان تناول كمية لا تزيد على 300 جرام أسبوعيا، منها كمية ضئيلة من اللحوم المعالجة. ولقد أثار انتباهى يوماً عندما شاهدت صورة لطعام الغذاء للرئيس أوباما وكان بها قطعه لحم صغيره جداً.
لقد كانت اللحوم نوعا من الترف وشكل من أشكال التباهى فى الأفراح والمواسم مثلا فى مناطق الصعيد والعائلات الكبيرة، وبهذا فقد أصبحت غذاء رئيسيا. وعلينا اليوم أن نعيد التفكير فى كمياتها المتناولة وطريقة إعدادها. وتكهن العلماء بأن اللحوم ومنتجات الألبان كاملة الدسم ربما تحتوى على كميات قليلة من الهرمونات الستيرويدية إضافة إلى مواد كيميائية ملوثة ضارة، بينما توفر الخضروات الحاوية على الفيتامينات، الوقاية.
رائع ثبتك الله
تعليق رائع لا اله الا الله